نص الدستور الموريتاني على أن جميع المواطنين الموريتانيين متساوون في الحقوق والواجبات، ولا يعترف الدستور بأي مرتبة أو امتياز لأي شخص بناء على انتماء قبلي، أو فئوي، كما تمنع القوانين الموريتانية أي تجمع على أساس قبلي، وأصدرت وزارة الداخلية قبل فترة تعميما إلى الولاة والحكام بمنع التجمعات ذات الطابع القبلي البحت، كما أن القوانين المعمول بها في موريتانيا لا تسمح بتأسيس إمارات داخل الدولة، أو إقطاعات لها زعيم، وأتباع.
ورغم كل ذلك، فإنه من المثير للاستغراب - حسب المراقبين- تغاضي الدولة عن الإقطاعات القبلية، بل ومباركتها أحيانا، حيث تتعامل السلطات مع أشخاص بعينهم تعاملا "استثنائيا" لا لشيء سوى أنهم أبناء أسر بعينها، أو زعماء لمجموعات قبلية محددة.
اللافت في جديد هذه الظاهرة غير القانونية، هو قيام وزير الثقافة والشباب والرياضة والعلاقات مع البرلمان أحمد ولد سيد احمد أج حاليا بجولة في بعض مناطق الوطن، وعقده مهرجانات، واجتماعات، ذات طابع قبلي بحت، يحضرها المنتمون لقبيلته، بل ولفصيله الخاص حصرا، ليقدموا له واجب البيعة والولاء، بعد تنصيبه قبل أيام"زعيما" لتلك المجموعة، وحط الوزير الرحال اليوم الجمعة بمدينة الغايره، حيث تتواجد "جالية" معتبرة من مجموعته القبلية، في مهمة خاصة ترك لأجلها عمله الرسمي في الوزارة أثناء الدوام، وتفرغ لتثبيت دعائم زعامته ويتم كل ذلك علنا على مرأى ومسمع من السلطات، دون حتى إشعار السلطات بتنظيم تلك التجمعات الممنوعة بصريح القانون.
ويرى خبراء في علم الاجتماع، وفقهاء دستوريون وقانونيون أن التطبيع مع النزعة القبلية على هذا النحو، والسماح للوزاراء وهم في مناصبهم بممارسة دور الزعيم التقليدي يتنافى تماما مع روح المواطنة، والطابع الجمهوري الذي ينبغي أن يدعو له أعضاء الحكومة ويكرسوه في تصرفاتهم عدا ما فيه من تحد صارخ لدعوة رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني في اكثر من مناسبة للحد من النفس القبلي ،مع العلم أن الحديث عن هذا الموضوع يعتبر محظورا من التابوهات التي لا يجرؤ كثيرون على نبشها أو إثارتها، رغم وضوح ووجاهة الاعتراض على مثل هذه المسلكيات التي كلما اعتقد البعض أنها اندثرت وتلاشت أطلت برأسها من جديد وبشكل أكثر وضوحا.