خلال متابعتي لإطلالة وزير الخارجية السابق السياسي المخضرم محمد فال ولد بلال مساء أمس على قناة البرلمانية شدني سؤال هام طرحه الصحفي حول تقييم الضيف لأداء الدبلوماسية الموريتانية خلال المأمورية التي أوشكت على النهاية،و جاء الرد إيجابا وأي رد ؟ من خبير ضليع بفنون الدبلوماسية وأسرارها، عارف بثوابت العلاقات الدولية ومتغيراتها.
إن النجاح الدبلوماسي لموريتانيا خلال المأمورية الحالية من نظام ولد غزواني لم يكن مسألة هينة ولا وليدة الصدفة، بل جاء نتيجة لاختيار كفاءات وطنية راكمت على مر العقود تجربة رائدة في العمل داخل المنظمات القارية والدولية، بدءا بالمبعوث الدولي السابق الوزير إسماعيل ولد الشيخ أحمد ثم الوزير والمفوض السامي محمد سالم ولد مرزوك الذي تميزت دبلوماسيته بالمهنية والرزانة ،وتوطيد العلاقات مع الجوار ضمن مقارنة مرنة وهادئة لا هي سهلة التجاوز فتبلع ولا صلبة أو مشاكسة فتولد العدوات بدل من المحافظة على الصداقات، وحضور مشرف في المحافل الدولية مما أعاد للدبلوماسية الموريتانية القها.
ربما شكل ولد مرزوك الاستثناء في أنه استطاع المحافظة على المسحة الأخلاقية ولم يخرق القواعد في بعض القضايا كعادة الدبلوماسيين وهو توجه عام للنظام الحالي وقيادته العليا الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني الذي يحرص على الصدق والصراحة بدل الانجرار وراء القول المأثور بأن الدبلوماسي هو «شخص أمين ابتعث للخارج ليكذب لمصلحة دولته".
يعرف ولد مرزوك متي يصمت، ومتي يقتضب في الحديث،وله معرفة واسعة بالشعوب وعاداتها وثقافاتها، وله قدرة كبيرة على التكيف، وكلها صفات تفسر سر نجاحه في هذه الحقيبة السيادية التي ظلت مختطفة من طرف اشخاص لا يمتون للقطاع بصلة ولا يمتلكون في فنه موهبة.
ربما السر في هذه النجاحات التي أثنى عليها الوزير السابق ولد بلال هو أن ولد مرزوك أخلص لنظام ولد الغزواني ولم يدخر جهده في خدمة بلده عندما اتيحت له الفرصة كعادته، وبذلك أفلح في إعادة الصورة الناصعة للدبلوماسية الموريتانية بعد عقود الترنح والتخبط.