أثار قرار " الشباك الموحد" لبيع الذهب السطحي مؤخرا في موريتانيا ردود أفعال قوية لدى المنقبين عن الذهب التقليدي بين من يرى فيه تعارضا واضحا مع القانون رقم 026-2022 المنظم للنشاط المعدني الأهلي والصناعي المتعلق بالذهب الذي ينص في المادة 31 على تعدد شبابيك الذهب التي تقوم بالتصدير والخاضعة لرسوم جمركية، وبين من يجد فيه استغلالا مفضوحا لمجهودات العمالة الكادحة في المقالع، والمطاحن من فئة صغار المنتجين، وذلك بسبب وقوفه ضد مصالح عشرات الآلاف من الفقراء الذي يحفرون قبورهم بأدييهم يوميا في مقالع بعمق عشرات الأمتار، دون أبسط ظروف للسلامة أو الإنقاذ في حالة تعرضهم للخطر الداهم.
ورغم وجاهة اهداف هذا الإجراء الذي يأتي في إطار تنظيم القطاع واستجابة لضرورة ضبط مسار بيع الذهب حتى لا يستخدم في تبييض الأموال، وفي إرباك الدورة الاقتصادية الوطنية"، الا انعكاساته السلبية تعد كارثية على المنقبين البسطاء ومنحازة بشكل فاضح لسماسرة بيع وتهريب الذهب -حسب البعض-، مما دفع بعض نقابات التنقيب الأهلي إلى التشكيك في خلفية انشاء شركة معادن التي أصبحت توفر غطاء "شرعيا" لتحقيق أرباح بالمليارات لصالح رجال اعمال نافذين في النظام، يقتاتون على فضلات عرق جبين الحفار البسيط الذي يكدح من أجل قوته، ومعيشة اسرته بأدوات بسيطة (فأس ومعول ومطرقة).
الشباك الموحد: تنظيم لسوق الذهب أم غطاء للمهرب على حساب المنقب
يرى ائتلاف المنقبين المناهض لإجراء بيع الذهب عبر شباك موحد بأن القرار يتعارض مع القانون 026 الذي ينظم نشاط التنقيب عن الذهب ويضمن حرية التسويق والتصدير للمنقبين، ويعتبر هؤلاء أنه يهدف إلى الاحتكار والتلاعب بالأسعار والعيارات، ويحرم المنقبين من حقوقهم الدستورية والاقتصادية.
ويطالب هذا الائتلاف بإلغاء الشباك الموحد، والسماح بترخيص عدة شبابيك تنافسية تضمن حصول المنقبين على أفضل العروض والخدمات.
وكانت السلطات قد قررت في وقت سابق عن فتح المجال أمام المقاولين لشراء الذهب عبر شركات تتوفر فيها الضمانات القانونية واشترطت ضمانة مالية قدرها 100 مليون أوقية لدى البنوك، وتقدمت 63 شركة تم اختيار 12 منها توفرت فيها الشروط المطلوبة قبل ان تلغي وكالة معادن هذا القرار وتحتكر شراء البيع في شباك موحد في خطوة مشبوهة واجهت معارضة قوية من طرف نقابات المنقبين.
ويرى أصحاب المطاحن أن الشركة تحاصرهم في حصادهم الذي لا يتجاوز 25 % من الذهب المستخرج بسواعدهم في حين أن 75% من هذا الانتاج تذهب إلى الفئة (F) التي تتولى معالجة النفايات بشراكة مع الدولة.
أنشئت الوكالة الوطنية "معادن موريتانيا" لتحل محل شركة معادن التي تأسست بموجب المرسوم 065/2020 والصادر بتاريخ 28 مايو 2020 لمهام محددة من بينها التأطير و/أو الإشراف على تسويق الذهب الناتج عن الاستغلال التقليدي وشبه الصناعي، لكن البعض يرى أن الوكالة منذ انشائها كانت ضررها بينا على المنقب الضعيف بالمطاردة من المقالع أحيانا وبأعيرة ضيزى لذهبه أحيانا أخرى، واخيرا باحتكار بيع الذهب لصالح النافذين وسماسرة الذهب.
تفرض الشركة على المنقبين بيع "ذهابتهم" بأسعار مغشوشة بسبب اعتمادها على أسلوب اعيرة عتيق أصبح متجاوزا في جميع الأسواق يسمى "مياه الكذب" يقول الباعة أنه يغشهم ويخسرهم 5000 أوقية قديمة مقارنة مع العيار الذي كانوا يستخدمونه منذ بدء استغلال الذهب قبل إنشاء وكالة معادن.
في تصريح له قال: وزير البترول والمعادن والطاقة إن مبيعات قطاع التعدين الأهلي بلغت 328 مليار أوقية قديمة سنة 2021، علاوة على خلق قيمة مضافة وصلت 244 مليار أوقية قديمة؛ على حد تعبيره ما يدل الدور الكبير في الدورة الاقتصادية هذا فضلا عن 260 ألف وظيفة دائمة ومؤقتة يوفرها التعدين الأهلي في موريتانيا في حين أن ما تجنيه الدولة من شركة تازيات التي تستخرج سنويا عشرات الأطنان من الذهب لا يمثل سوى 6 مليار أوقية فقط.
"أخي المنقب حياتك أغلى من الذهب "
شعار حملاتي أطلقته وكالة معادن بعدما فقد حوالي 7 % من المنقبين أرواحهم في رحلة السعي وراء سراب الذهب، وعندما يحصلون على بضع جرامات بجهد مضني وظروف شاقة يقوم الشباك باستغلالهم بشكل مكشوف ومفضوح بأعيرة مغشوشة وتسعرة مجحفة بمبررات واهية، الأمر الذي يفضح شعار الوكالة ويكشف خلفيته " حياتك غالية من أجل أن نستغلك..
يعتقد المنقبون اليوم بأن حكومتهم تحاربهم في قوتهم بل تسرق عرق جبينهم ضاربة عرض الحائط بمصالح مئات الآلاف من العمال البسطاء الذين استوعبهم قطاع التعدين الأهلي ووفر لهم فرصا للتكسب الحلال مما انعكس في الحد من البطالة وتناقص معدلات الجريمة وخفف الضغط على الحكومة، ويحذر هؤلاء من خطوات تصعيدية في حالة ما لم تتراجع الوكالة عن قرارها مؤكدين في نفس الوقت أنهم ليسوا ضد تنظيم بيع الذهب ولكن في ظل تنافسية تجارية تضمن حرية التسويق وحماية المصالح.
المدير الناشر عال ولد يعقوب