أخطر ما في موريتانيا على مر العقود المتلاحقة منذ تأسيس الدولة أو على الاقل منذ الانفتاح على الديمقراطية هو فساد مكشوف لحكومات تدعي انها تحارب الفساد.
مظاهر الإسراف في الانفاق على الأنشطة السياسية والتنافس المحموم بين الوزراء و مسيري المال العام في كل زيارة أو مناسبة سياسية يوحي بفساد ممنهج لميزانيات تغض عنه السلطات المعنية طرفها لأنه سحت سياسي مفضوح يستنكره الرأي العام و يتبجح به السياسي أمام اقرانه الذين لن يسالوه من أين لك هذا؟ لانهم ببساطة يعرفون المورد الذي يتحمل فاتورة النشاط،و لكن مقابل ماذا؟
الاعجب من ذلك أن تخرج عليك الاجهزة الرقابية والمحاسبية للدولة وتقول: آن الأوان لتطوير آليات منع الفساد وتجفيف منابعه" وكأن هذه المنابع تقع خارج الحدود!
ثم الا يساهم النظام في فساد الوزراء والموظفين عندما يدفعهم دفعا الى هذا التسابق في إبراز القدرات من خلال الصرف غير المبرز والانفاق الباذخ على السهرات السياسية التحضيرية لزيارة الرئيس لتدشين منشأة يصرف أضعاف ثمنها أحيانا في التحضير والمواكبة للحدث؟
ادعو الرئيس وأعضاء الحكومة الى النأي بانفسهم عن الانفاق الفاحش الذي يتناقض بشكل صارخ مع الحرص على المال العام،ونظافة اليد،فنحن البسطاء عندما نرى الوزير أو الأمين العام أو أي آمر بالصرف ينفق أضعاف راتبه في سهرة واحدة نتساءل ببساطة: ماذا ترك للأسرة؟
قال تعالى " والذين اذا انفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما" صدق الله العظيم.