تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

موريتانيا/ آن الأوان لمبادرة جادة للتصدي للمعلومات المضللة وخطاب الكراهية والتحريض.

" لكل فرد الحق في حرية الرأي و التعبير، ويشمل هذا الحق في حرية اعتناق الآراء من دون تدخل،و التماس المعلومات و الأفكار و نقلها من خلال أي وسيلة من وسائل الإعلام دونما اعتبار للحدود."ا المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان

قد يكون من المقبول والمفهوم أن تعمد السلطات الحكومية لقطع الانترنت لمحاصرة الإرهابيين والمجرمين الفارين، وعزلهم عن الاتصال بجهات خارجية تسهل فرارهم خارج الحدود الترابية للدولة، و تمكن من القبض عليهم،لكن استسهال قطع الانترنت، واللجوء إليه كإجراء طارئ من حين لآخر لمحاولة حجب المعلومة عن الرأي العام يعتبر سلوكا مبتذلا، وأسلوبا ضعيفا لمواجهة المشاكل الأمنية، أوالتحديات اليومية التي تواجه الأنظمة الحاكمة،والتي تشتعل نارها مع كل فرصة، أو حادثة بشعة، أو "جريمة لا تغتفر".

و رغم أن  التواصل، والترابط عبر الانترنت من خلال الاستخدام المتزايد لوسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن يكون له جانب مظلم، من حيث حجم المعلومات الخاطئة أو الرسائل المضللة  التي تتسارع وتيرة انشطارها، وانتشارها على المنصات الرقمية في شكل سيل من الشائعات والمعلومات المغلوطة،والعنف اللفظي، والخطاب التحريضي مما قد يهدد السلم،ويولد الأزمات الاجتماعية، إلا أن التواصل عبر الانترنت يعد ضروريا في عالم اليوم إلى درجة أنه أصبح ضرورة حياتية ،الحرمان منها يمثل تعد صارخ على حق من حقوق الحياة الكريمة للإنسان، وأسلوبا بدائيا في معالجة الأزمات أقصى جهده أن يحجب الحقيقة لفترة قصيرة من الزمن، وله أحيانا انعكاسات ارتدادية خطيرة.

و يري المؤرخ يوفال نواه هراري في مقابلة أجريت معه في مجلة " يونسكو كورير" إن أفضل طريقة للدفاع عن أنفسنا ضد مسببات الأمراض والأزمات هي المعلومات، لا العزلة، ولهذا أصبح التوازن بين حرية التعبير والنضال من أجل النفاذ إلى المعلومات الموثوقة اليوم مهما أكثر من أي وقت مضى.

لقد باتت الحاجة ملحة في موريتانيا إلى مبادرة جادة لمراقبة و فحص المحتوى المنشور، أو المرسل عبر وسائل التواصل الاجتماعي لتمييز النافع من الضار،وابتكار أدوات و أساليب لمواجهته، ومعرفة المحرض المباشر، وغير المباشر،والمستفيد،و الوكيل/ الوسيط، كل ذلك في سبيل وضع سياسة ناجعة للتصدي للمعلومات المضللة، والمحرضة، وتحصين المجتمع ضد الأفكار المتطرفة، و الجماعات العنصرية التي تعزف على وتيرة الخطاب الشعبوي،واستغلال الأخطاء العرضية، و تضخيم الأزمات،و تأجيج نار الفتنة، وإذكاء المظالم.

ليست هذه دعوة إلى قمع تعددية المعلومات و الرأي أو الحد من النقاش الدائر حول قضايا هامة عبر الفضاء الافتراضي، و إنما محاولة جادة لتغليب الحقيقة،وتعزيز النفاذ إلى المعلومة الموثوقة  ذات المصداقية،و القابلة للتحقق بشكل مستقل مما يدعم الديمقراطية و يساعد على تفادي آثار الأزمات.

دعوة لجميع الأطراف المعنية، والفاعلة في صناعة الرأي العام و تعزيز حقوق الإنسان من أجل الموازنة بين احترام حرية التعبير و مكافحة التضليل الرقمي.

عال ولد يعقوب

 

 

سبت, 03/06/2023 - 11:21

تابعونا

fytw